ما هي مواصفات الناقد ؟

____ تمهيد ____
تُرى كيفَ نكونُ كُتّابًا عالميّين… ؟
إذا استطعنا وصفَ النفسِ… ونبشَ خفاياها… والتعرّفَ على ملامحِها… ومُنعكساتِها، وخلفيَّاتِها، واستجاباتِها… نكونُ كتَّابًا عالميّين… فالعالميّةُ ليسَتْ مقرونّةً بالكاتبةِ الفلانيةِ، او الكاتبِ الفلاني…
العالميةُ متواجدجةٌ في ملامسةِ أعماقِ مشكلةِ الإنسانِ بحدِّ ذاتهِ… فمن استطاعَ الغوصّ في أغوارها يكون قد وصلَ الى العالميةِ…
العالميةُ تكمُنُ في إبداعٍ فنّيٍّ، شديدِ الخصوصيةِ…

____ ما هي مواصفات الناقد ؟ ____
أرى أنّ النَّقد حصيلةُ معرفةٍ موسوعيةٍ ليكوّن مجموعة من المعارف تُصبح جزءًا من الميراث الفكريّ…
بالإضافة إلى التخصّصِ ليرى بعينٍ نافذةٍ ويكوّنَ شُحنّةً من المعلومات… ليفرّق بين الصالحِ والطالحِ على أساسِ العلمِ في خدمةِ الموهبة… وليسَ العكسَ في احتياجاتِ ذوقٍ وحساسيةٍ مرهفةٍ…
فإنّ المقامةَ لها شروطٌ، تحكي حدثًا معيّنًا من مبتداه لمنتهاه. والقصةَ القصيرةَ لها بدايةٌ ونهايةٌ وعقدةٌ في الوسط بإيجاز وحبْكةٍ على أن تكون متكاملةً تتخلّلها تأمّلاتٌ…
أمّا الرواية فكذلك… ولكنّها ترتكزُ على سردِ التفاصيلِ الدقيقةِ ولا مانع من أنْ يتخللها شعرٌ أو تنوّعات وتأمّلات…
وأمّا السيرة الذاتية فلها أُسسها الّتي تجمعُ بينّ كلّ هذه الخصائصِ، وأهمّها الدقّةُ في نقلِ الوقائعِ والأحداثِ والمواقف…
وأنماط الشخصياتِ ترتكزُ على التبيان والاستشهاداتِ والتأملاتِ مع تطوّر صاحب السيرة…
ولقد لملمْتُ تألفاتي من مخزونِ العمرِ معتمدةً مصداقيةَ العفويةِ بأسلوبٍ موجزٍ مع سلاسةِ التجوالِ بين الخاصِّ والعامِّ… والجوهرِ والمظهرِ… والقديمِ والحديثِ… على زورق ينزلق فوقَ موجٍ هادئٍ بعبرةٍ ساحرةٍ… وحكمة غائرة… وهمسةٍ حائرة… وأسئلةٍ ساخرة… وثورةٍ سافرةٍ…
لم يُعوّدني الزمنُ… على هذا الكرمِ والعطاءِ السخيِّ… فأنا إن أردْتُ القيامَ بأيِّ عملٍ، مهما كان بسيطًا… لم يتحقّقْ إلاّ بشقِّ الأنفسِ… وتراني أُكابدُ بعناءٍ… أمام العوائقِ الّتي غالبًا…!! ما تغتالُه وهو في مهدِهِ…
فكانتْ تلك السيرُ الذاتيةُ لهؤلاءِ العمالقة، من الشخصياتِ… الثريةِ بالأحداث والمفارقاتِ والمفاجآت… كالمفرشِ السندسيِّ المرصَّعِ بالجواهرِ… الّتي تلألأت فوقه عِباراتي… واخضوضرت معه إبداعاتي… وترقرقت منه مُستلهماتي… فارتقت معه مُفرداتي… فوصلت الماضي بيومين الحاضراتِ…