بيْن هَذي وَتِلك

بيْن هَذي وَتِلك
تأليف
الأديبة والفنانة التشكيلية
أُلفة زيلع
حقوق الطبع محفوظة للمؤلّفة
الكتاب العاشر

الإهداء
سَألَ ابْنُ لـُقْمَانَ وَالِدَهُ لِمَاذَا لا يَذْهَبُ الأغْنِيَاءُ إلَى الْعَلَمَاءِ…؟
فَـرَدَّ لُقْمَانُ عَلَى ابْنِهِ قَائِلاً :
لِأنَّهُمْ فُقَرَاء.

تَمْهِيدٌ
”وَأَنْذِرْهُم يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضَيَ الأَمْرُ. وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ. وَهُمْ لا يُؤمِنُونَ” (سُورَةُ مَرْيَم، آيةُ 39).
”إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن. خَرُّوا سُجُدًا وبُكْيًا” (سُورَةُ مَرْيَم، آيةُ 58).

مَدْخَلٌ
عَجِبْتُ لِمَنْ يَبْحَثُ فِي مَأْكُولِهِ…
وَلَا يَبْحَثُ فِي مَعْقُولِهِ…
وَالْأَعْجَبُ لِمَنْ لَا يَبْحَثُ لَا فِي هَذِي وَلَا تِلْكَ…

_____بَيْنَهُمَــا_____
بَيْنَ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ
بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ
بَيْنَ الْأمَانَةِ وَالْخِيَانَةِ
بَيْنَ الشَّفَافِيَةِ وَالْغُمُوضِ
بَيْنَ الأِقْدَامِ وَالْأِحْجَامِ
بَيَنَ التَّفَوُّقِ وَالتَّوَاصُلِ
بَيْنَ الإِتِّكَالِ وَالتَّوَاكُلِ
بَيْنَ التَّخَطِيطِ وَالتَّخَلِيطِ
بَيْنَ التَّفَكُّرِ وَالتَّنَكُّرِ
بَيْنَ السَّلَامِ وَالإِسْتِسْلَامِ
بَيْنَ الْأَمَانِ وَالْعُنْفِ
بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ
بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ
بَيْنَ السَّوِيِّ وَالْمُضْطَرِبِ
أَيْنَ أَنْتَ، عَزِيزِي القَارِئ ؟…

مُقَدِّمَةٌ
____فِكْرَتِي الْمُبْتَكَرَةُ_____
إِنَّ هَذِهِ الْمَدْرَسَةَ الْحَدِيثَةَ الْمُبْتَكَرَةَ…
إسْتَوْحَيْتُ فِكْرَتَهَا مِنْ وَاقِعِ عَصْرِنَا الرَّقْمِيِّ… عَصْرُ السُّرْعَةِ… حَيْثُ بَاتَ مِنَ الصَّعْبِ جِدًّا عَلَى الْقَارِئِ، أَنْ يَضْطَلِعَ عَلَى خَمْسْمَايَةِ صَفْحَةٍ تَسْرُدُ مَوْضُوعًا وَاحِدًا…
لِذَلِكَ صَمَّمْتُ أَنْ أُثَقِّفَ الْقَارِئَ بِبِضْعِ صَفَحَاتٍ، لِعَدِيدٍ مِنَ الْمَوَاضِيعِ الْمُخْتَلِفَةِ، الَّتِي بَاتَتْ مُشْكِلَةَ عَصْرِ “التِّقْنَةِ” … وَالأَجْهِزَةِ الرَّقْمِيَّةِ فَجَاءَتْ كُتُبِي الْعَشَرَةِ عَلَى هَذَا الأُسْلُوبِ السَّهْلِ الْمُمْتَنِعِ. وَاللهُ الْمُوَفَّقُ…
أُلفة زيلع

___أَشْكَالُ فُنُونِ الْكِتَابَةِ___
أَبْسَطُهَا الرِّسَالَةُ
أَوَّلاً الْخَبَرُ، ثَانِيًا التّقْرِيرُ، ثَالِثًا الْمَقَالَةُ، رَابِعًا المَقَامَةُ، خَامِسًا الْبَحْثُ، سَادِسًا الشّعْرُ بِأشْكَالِهِ، سَابِعًا الْقِصَّةُ الْقَصِيرَةُ،
ثَامِنًا الرِّوَايَةُ الْمُطَوَّلَةُ.
الْأُسْلُوبُ الْعِلْمِيُّ: الْمُخْتَصَرُ الْمُفِيدُ…
 الْأُسْلُوبُ الْأَدَبِيُّ : التَّطْوِيلُ…

____ الْأُسْلُوبُ العِلْمِيُّ____
أَمَّا الْكِتَابَةُ الْعِلْمِيَّةُ فَمَثَلاً:
إِذَا أَرَدْنَا وَصْفَ حَالَةِ الطَّقْسِ نَقُولُ: “الْيَوْمُ بَارِدٌ، مَاطِرٌ وَالرِّيَاحُ شَدِيدَةٌ” انْتَهَى الْخَبَرُ “فِي سَطْرٍ وَاحِدٍ فِيهِ أَرْبَعُ كَلِمَاتٍ”
_____الْكِتَابَةُ الْأَدَبِيَّةُ_____
أَمَّا إِذَا أَرَدْنَا بَثَّ هَذَا الْخَبَرِ بِالْأُسْلُوبِ الْأدَبِيِّ، نَقُولُ: “الرِّيحُ تَعْصِفُ وَالْغُيُومُ مُتَلَبِّدَةٌ فِي السَّمَاءِ، وَالْعَوَاصِفُ تُزَمْجِرُ، وَالْبَرْقُ يُضِيءُ الْفَضَاءَ الْأَسْوَدَ، وَالرَّعْدُ مِنْ شِدَّتِهِ يَصُمُّ الْآذَانَ، وَالْأَشْجَارُ تَتَمَايَلُ إلَى حَيْثُ يَأْخُذُهَا الرِّيحُ، وَالصَّوَاعِقُ تَهْبِطُ كَالْإنْفِجَارَاتِ”.
أَلَمْ تُلَاحِظُوا مَعِي بَعْدَ كُلِّ هَذِهِ الثرثرة…
لَمْ نَعْرِفْ إِذَا مَا كَانَ الْمَطَرُ سَيَنْزَلُ أَمْ لَا…”
هَذَا هُو الْأُسْلُوبُ الْأَدَبِيُّ… أَوْ إِذَا شِئْتُمْ الْأُسْلُوبُ الْإنْشَائِيُّ…
أَمَّا الْأُسْلُوبُ الْعَالِمُ: الْمُتَأَدِّبُ هُوَ مَا أُفَضِّلُهُ حَيْثُ يَنْسَجِمُ مَعَ طَبِيعَتِي:
فَأَنَا لَا أُحِبُّ أَنْ أُطِيلَ: فَأُثَرْثِرٌ…
وَلَا أُرِيدُ أَنْ أُقَصِّرَ: فَأَبْتُرُ…

_____سَكْرَتَيْن_____
”وَتَرَى النَّاسَ سُكارَى. وَمَا هُم بِسُكارَى. وَلَكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ” (سُورَةُ الْحَجٍّ )
مَا أشْبَهُ حَالِنَا بِيَومِ”الْحَسْرَةِ…”
: حَيْثُ نَجِدُ النَّاسَ مُغَيَّبِينَ… مُخَدّرِينَ…
سُكَارَى دُونَ أَنْ يَشْرَبُوا الْخَمْرَ… كَيْفَ ؟…
سَأَقُولُ كَيَفَ:
إِنَّ اسْتِنْشَاقِ “ثَانِي أُوكْسِيدِ الْكَرْبُونِ” النَّاتِجِ عَنْ “عَادِمِ السَّيَّارَاتِ “وَالتَّدْخِينِ بِأَنْوَاعِهِ” وَالنِّفَايَاتِ الْمُلَوَّثَةِ…” وَالْأغْذِيَةِ الْمُلَوَّثَةِ… وَالسَّهَرِ الطَّوِيلِ… وَالْمَرْأَةُ الْكَذُوبِ الْلَّعُوبِ… الّتِي تُسْكِرُ الرَّجُلَ وَتُعَطِّلُ الْمُحَاكَمَةَ فِي عَقْلِهِ…
أَثَرُ “ضِحْكَةٍ ، أَوْ غَمْزَةٍ، أَوْ كِذْبَةٍ… فَيَسْكَرُ سَكْرَتَيْنِ…
وَاحِدَةٌ خَارِجِيَّةٌ مِنَ الْبِيئَةِ الْمُلَوَّثَةِ…
وَالثَّانِيَةُ دَاخِلِيَّةٌ حَيْثُ يَضُخُّ دِمَاغُهُ “هُرْمُونَ” Phinil phinilamin” فَيُصْبِحُ ثَمِلًا وَمَأْفُونًا وَكَأَنَّهُ تَنَاوَلَ جَرَعَاتٍ كَبِيرَةً مِنَ الْمُسَكِّرَاتِ..
حَدِيثٌ: “مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدَيْنٍ أذْهَبُ لِلُبَّ الرّجُلِ الْحَازِمِ..
يَقُولُ: الرَّجُلُ الْحَازِمُ وَلَمْ يَقُلْ: تَذْهَبُ بِلُبِّ الرَّجُلِ الْأَهْبَلِ…
أَوْ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ الغِنَائِيُّ: ضِحْكَةٌ، غَمْزَةٌ، كِذْبَةٌ… تُصِيبُ مَفَاصِلَهُ… وَيَنْسَى أَهْلَهُ… وَيَنْسَى فَصْلَهُ.
وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى. وَلَكِنَّ عَذابَ اللهِ شَديدٌ.

_____محمد الغَزَالِي_____
مِصْرِيٌّ مُعَاصِرٌ لِلرَئِيسِ الْمَصْرِيِّ “جَمَال عَبْدُ النَّاصِرِ” مَا بَينَ 1953م وَ1967م.

_____زَيْنَبُ الْغَزَالِي_____
كَانَتْ مِنْ تِلْمِيذَاتِ “هُدَى شَعْرَاوِي” الّتِي نَادَتْ بِحُرِّيَّةِ الْمَرْأَةِ وَنَزْعِ الْحِجَابِ.
”زَينَبُ الْغَزَالِي” عَكَفَتْ عَلَى دَرَاسَةِ “الشَّرِيعَةِ” وَانْشَقَّتْ عَنْ تِلْمِيذَاتِ “هُدَى شَعْرَاوِي” وَأَصْبَحَتْ زَيْنَبُ الْغَزَالِي” مِنَ الْعَالِمَاتِ الْجَلِيلِاتِ…
سُجِنَتْ فِي عَصْرِ الرَّئِيس الْمَصْرِيِّ “جَمَال عَبْدُ النَّاصِرِ” وَتَعَرَّضَتْ لِلتَّعْذِيبِ…
فَمَرَّةً قَالُوا لَهَا وَهِيَ فِي السِّجْنِ: سَوْفَ تُطْلَقُ عَلَيْكِ “الْكِلَابُ الْبُولِيسِيَّةِ”
فَمَا كَانَ مِنْهَا إِلَّا أَنِ اتَّجَهَتْ نَحْوَ “القِبْلَةِ” وَهَمَّتْ بِالصَّلَاةِ…
وَبِالْفِعْلِ أُطْلِقُوا عَلَيْهَا كَلْبٌ… فَأَخَذَ يَلْعَقُ حِذَاءَهَا وَلَمْ يَمُسّهَا بِأَذَى… سُبْحَانُ اللهِ…
____أَبُو حَامِدٍ الْغَزَالِي____
عَايَشَ عَهْدَ الْخِلَافَةِ “الْفَاطِمِيَّةِ” وَالْخِلَافَةِ “الْعَبَّاسِيَّةِ”.
أَلَّفَ أرْبَعِينَ كِتَابًا وَأَكَثَرَ وَمِنْ أَهَمِّ كُتُبٍهِ:
“إِحْيَاءُ عُلُومِ الدِّينِ”. هَذَا الْكِتَابُ عِبَارَةٌ عَنْ “حِكَمٍ وَعِبَرٍ”، “وَمُعَادَلَاتٍ فِقْهِيَّةٍ”
أَمَّا صِهْرُ “أبي حَامِدٍ الغَزَالِي” فَهُوَ ابْنُ أَلَدِّ أَعْدَائِهِ.
عَدُوُّهُ هَذَا كَانَ مِنْ أَوْفَى الْأَوْفِيَاءِ “لِأبِي حَامِدٍ الغَزَالِي”.
تَتَلْمَذَ عَلَى يَدِ أَبِي حَامِدٍ الْغَزَالِي، ثَمَّ تَزَوَّجَ ابْنَتَهُ…

____قَوْمُ النَّبِيِّ نُوح_____
مِنْ شِدَّةِ مَا ضَلَّ قَومُ “النَّبِيِّ نُوح” اتَّهَمُوهُ بِالجُنُونِ… وَزَجَرُوهُ…
”فَدَعَا رَبَّهُ أنّيِّ مَغْلُوبٌ فاْنْتَصَر” (سُورَةُ الْقَمَرِ).
فَأَمَرَهُ رَبُّهُ أَنْ يَبْنِيَ سَفِينَةً، وَبَعْدَمَا انْتَهَى مِنْ بِنَائِهَا اجْتَمَعَتْ لَهُ جَمِيعُ الْمَخْلُوقَاتِ، فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ: “خُذْ إلَى السَّفِينَةِ مِنْ كُلِّ زَوْجَينِ إثْنَيْنِ، بَعْدَهَا غَرِقَتِ الْأَرْضُ بِالْمِيَاهِ.
”فَفَتَحْنا أَبْوَابَ السَّمَاء بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ. وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًا. فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أمرٍ قَدْ قُدِّرَ” (سُورَةُ الْقَمَرِ).
وَبَعْدَ أَنِ ارْتَفَعَتِ الْمِيَاهُ كَالْجِبَالِ اسْتَوَتِ السَّفِينَةُ فَوْقَ الْمَاءِ:
”وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتَ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ” (سُورَةُ الْقَمَرِ).
وَجَرَتِ السَّفِينَةُ “بِالنَّبِيِّ نُوْح” وَمَعَهُ قَوْمٌ آمَنُوا بِهِ…
فَنَادَى “نُوحٌ” ابْنَهُ: يَا بُنَي إرْكَبْ مَعْنَا…
فَقَالَ ابْنُهُ:
“سَآوِي إلى جَبَلٍ” يَعْصِمُنِي… وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمَغْرَقِينَ:…
تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُذْكِّرٍ” (سُورَةُ نُوح).

_____هَمْسَةُ تَأَمُّلٍ_____
يَتَبَيَّنُ لَنَا أَنَّ ابْنَ “النَّبِيِّ نُوح” كَانَ عَاقًّا وَضَالًّا…
وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى الْإِبْتِلاءِ فَإِنَّ الْوَلَدَ الْعَاقَّ وَالضَّالَ لَيْسَ دَائِمًا نَتِيجَةَ سُوءِ تَرْبِيَةِ الْأَهْلِ…
هُنَاكَ عَوَامِلٌ كَثِيرَةٌ تَدْخُلُ فِي تَرْبِيَةِ الْأَوْلَادِ…
ذَكَرْنَاهَا فِي مَواضِيعَ سَابِقَةٍ…
بِدَلِيلِ أَنَّ هُنَاكَ آبَاءٌ كَفَرَةٍ… أَوْلَادُهُمْ أَنْبِيَاءٌ…
مِثَلُ: “النَّبِي إبْرَاهِيم” حَيْثُ كَانَ وَالِدُهُ مَنْ عَبَدَةِ الْأوْثَانِ…
_____الْبَيْتُ الْعَتِيقُ_____
فَجَالَتِ “السَّفِينَةُ بِقَاعَ الْأَرْضِ…
وَطَافَتْ حَوْلَ “الْكَعْبَةِ” وَلَكِنَّ “الْكَعْبَةَ” لَمْ تَغْرَقْ…
لِذَا سُمِّيَتْ “بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ”
ثُمَّ رَسَتْ عَلَى “الْجُودِي”…
يُقَالُ جَبَلٌ فِي الْعِرَاقِ وَيَقَالُ فِي “تُرْكِيَّا”
___مِنَ الشّمْسِ إلَى الظِّلِّ___
لَمَّا جَاءَ مَلِكُ الْمَوْتِ إلَى “النَّبِيِّ نوحَ” سَألَهُ: مَاذَا تُرِيدُ؟
فَقَالَ “النَبِيُّ نُوحُ”: أُرِيدُ أَنْ أنْتَقِلَ مِنْ الشَّمْسِ إلَى الظِّلِّ”
فَسَأَلَهُ مَلِكُ الْمَوْتِ: كَيْفَ وَجَدْتَ “الدُّنْيَا
فَقَالَ “النَّبِيُّ نُوحُ”: مِثْلُ انْتِقَالِي مِنَ الشَّمْسِ إلَى الظَّلِّ…
مَعَ الْعِلْمِ أَنَّ “النَّبِيَ نُوحَ” عَاشَ تِسْعُ مَايَةِ سَنَةٍ وَنَيِّف…
تَوْضِيحٌ: الْجُودِي تَعْنِي الْجَبَلَ الصَّلْبَ دُسُر: مَسَامِيرُ: مًفْرَدُهَا دِيسَارٌ.